Saturday, April 4, 2015

مدن رمادية مأهولة بالسكان

Cast Shadows - Émile Friant

المدينة البعيدة سكانها بائسون،

المدينة نفسها بائسة،

جدرانها العالية تحجب كل شيىء ..... حتى الضوء والدفء.

المدينة البعيدة باردة ومعتمة وطرقها حائرة  ملتوية كنهر ضل الطريق من منبعه إلى المصب.

قاطنوا المدينة البعيدة لا يتملكون بيوتهم، يقال أن سعر الأكر هناك باهظ حد الجنون،
قطعة من روحك... يقولون،

 وسلام نفسك كله حتى أخر غفوة هانئة.

لا أحد يرغب أن يتخلى طوعًا عن سلام نفسه ولذلك هم فقط مستأجرون.

كراية المنازل فى المدينة البعيدة إما أن تدفع من بسماتك أو تحمل عن المدينة قليلًا من ضبابها ودخانها وعتمتها،

 والمدينة تمتلك الكثير..... يقولون أنها تمتلك أكبر احتياطى لللكأبة فى العالم.

قوانين المدينة البعيدة تقضى على قاطنيها أن تذبل قلوبهم إن لم يستخدموها، وأن يفقدوا ليونة عضلات الفك حال عدم الابتسام،

جباة المدينة صارمون يدققون فى كل شيىء، تقاسيم الوجوه والاختلاجات والأفكار والضمائر والأحلام والنوايا،

 يفتشون الصمت ويذرعون العزلة ذهابا وإيابا بحثًا عن أية مشاعر خاضعة للضرائب.

وفى أول بادرة للسعادة والحب يطالبك جابى المدينة بأجرتك المتأخرة، وفاتورة العتمة التى توفرها المدينة لك.

قوانين المدينة البعيدة تقضى ألا تغلق أبوابك ونوافذك فى وجه العتمة، ومحاولات استجلاب الضوء جناية تهريب يعاقب عليها القانون.

ومع ذلك فالمدينة هادئة،

سكان المدينة تتساقط ملامحهم وتزاح بانتظام على جانبى الطريق،

يصابون بالهلع من فكرة الوقوع فى الحب، خشية أن يطالبهم جابى المدينة بسداد دين المدينة، وخشية أن يفقدوا حريتهم.

أتسائل"حريتهم" ؟

يخبرنى ساكن قديم همسًا أن سكان المدينة يقيِّمون الوحدة وأن العزلة سلعة رائجة،

وأنهم يتحملون كراية المدينة الباهظة لأن العالم خارج المدينة مبهج وغير أمن ولا يعترف بالصمت كفن، ولا بالعزلة كهواية مفضلة.

سكان المدينة البعيدة يرفضون القيود، ويعيشون فى مدينة محكمة ككفن مومياء.

-        ماذا تفعلون إن وقعتم فى الحب؟

= نقطع وعودًا لا نستطيع الوفاء بها، ونعد بتربيتات  شافية وضمات جابرة  للكسور تساعد على الالتئام،

نقدم "شيكات" مشاعر باهظة بلا أرصدة،

وعندما يحل ميعاد استحقاقها لا نقدم سوى أكف ملؤها خذلان.


نغادر المدينة، ونحمل نسخة مصغرة بداخلنا كإجراء احترازى.

2 comments:

العلم نور said...

السلام عليكم،

لا لاقانا الله بهم، فعدوى الكآبة خطيرة
:)

الحسينى said...

:)