Saturday, April 27, 2013

ابْتِذال

daniel f gerhartz
 
تريدنى أحدثك عن الحب ؟!!!  حسنًا.
الحب هو....
أو أقول لك....... الحب يشبه الخدر اللطيف الذى يجعل رأسك يدور عند أول رشفة  من كأس شامبانيا.
ولو كان للحب رائحة يا عزيزى لكانت رائحته كعطر زهرة أوركيد ربيعية تفتحت للتو.
أنت تعلم حتمًا ماذا فعل الحب بأنطونيو وكليوباترا.
هذا بالضبط ما يحدث عندما يكون الحب قويًا كشجرة سنديان عتيقة سامقة، وجارفًا كجريان النهر فى وقت فيضانه.
للحب يا عزيزى مذاق حلوى ترايفل إيطالية تأكلها على مهل على رصيف مقهى ترتوار فرنسى يطل بشكل ما على مشهد برج إيفل.
ماذا تريد؟ أن تسمع أكثر؟ أقول لك لم لا تكف عن إزعاجى.
للحق أنا لم أتذوق الشمبانيا من قبل، ولا أعرف إن كان لزهرة الأوركيد رائحة.
لا أحد يستطيع أن يجزم بقصة أنطونيو وكليوباترته إلا أنطونيو نفسه "فقط إن كان مستعدًا لتبادل حديثً حميمى معك عن ترهات رومانسية ربما لا تزيد عن كونها محض اشاعات بدلاً من أن يتحفك بالحديث عن فتوحاتة الحربية العظيمة"
أو كليوباترا نفسها، أو ربما صحفى الفضائح الذى كان له سبق الحكاية.
وللحق أنا لا أعرف كيف تبدو شجرة السنديان، وعلى الأغلب لن أعرف الفرق بينها وبين شجرة صفصاف أو ماجنوليا إن حدث ومررت بجانبها يومًا، كما أنى لم أشاهد فيضانًا للنيل من قبل فكما تعلم لدينا سد يحجز الماء الجارف خلفه ويروضه.
وأنا بالطبع لم أزر فرنسا، وحلوى الترايفل الوحيدة التى تذوقتها كانت سيئة المذاق.
يا عزيزى أنا لا أستطيع ان اخبرك عن اشياء لم أراها.
ولهذا من فضلك لا تسألنى عن الحب.


Tuesday, April 23, 2013

على هامش الوشاية - 2

margarita sikorskaia
 
إقرأ هنا على هامش الوشاية 1
 

المشهد كله يتداعى ولا يبقى سوى صرير أرجحة المشانق ورائحة الدماء الطازجة.
المرأة التى وضعت للتو تنتظر المعجزة.
تلقم رضيعها صدرها وتفكر فى قذفه باليم، وأنا أشير إليها من بعيد بلا صوت،
أحاول جاهدًا أن أخبرها أن زمن المعجزات قد ولى، أخبرها أن الواشون يراقبون،
أخبرها أنى كنت واش حتى الأمس، وأن جيوبى مازالت مثقلة بفضة الوشاية.
فضة الوشاية لا تشترى  سوى الألم.
المسيح  آمن.
إثنا عشر حوارى ويهوذا واحد...........واش واحد.
يا يسوع أود أن أخبرك أن يهوذا لم يعد اسمًا دارجًا، يهوذا أصبح صفة.
المسيح آمن.
يهوذا تحمل وزر خيانة  المسيح، أما الأن فلا يهوذا يحاسب.
الأن يكافئون يهوذا بالفضة الوفيرة.
والعذراء مازالت هادئة وتبتسم.
هى تعرف أن مسيحها آمن، تتذكر أنها عندما حملته انتبذت به مكانًا قصيا، وتعرف أنه الأن أقصى مما يستطيع الواشون الوصول إليه.
*************************
-          حاول حاكم الرومان حثهم على تغيير رأيهم بعد ذلك....
-          "حثهم على تغيير رأيهم" ثم نقطة ثم "بعد ذلك"
-          بعد ذلك....
أمر أن يضربوا، ولكن جاستوس وباستور ليسا خائفين،
ابتهجا وأظهرا نفسيهما وهما يأملا أن يموتا من أجل المسيح،
وعندما رأى الحاكم الرومانى ذلك امتلأ بالغضب ......... وأمر بقطع رأسيهما.
-          ما الذى تجدينه مسلياً فى ذلك؟
-          حسنًا.....
-          حسنًا ماذا؟
-          هؤلاء الأطفال كانوا حقًا حمقى.
-          لماذا؟ لقد قالوا أنهم آمنوا بالمسيح وصدقوه ثم ماتوا من أجل ذلك.
هل كنت أنت لتنكرين المسيح؟
-          حسناً. نعم.
فى داخلى كنت سآؤمن به، ولكن لم اكن لأخبر الرومان بذلك.
-          وهل هذا ما تعتقده أنت أيضًا يا نيكولاس؟
نعم يبدو ذلك.
إذن أنتما الاثنان كنتما لتكذبان، لدرجة إنكار المسيح وكنتما لتنقذان رأسيكما من القطع، هذا صحيح.
ولكن .... ماذا سيحل بكما بعد ذلك؟ بعد أن تموتا، أين كنتما ستذهبا؟
أين؟ نيكولاس؟
-          إلى عالم النسيان المخصص للأطفال؟
-          وما هو عالم النسيان المخصص للأطفال؟
-          هو أحد مناطق الجحيم الأربعة، وهو ........؟
-          أنا! أنا!
-          لا. دعيه يكمل الإجابة. وهو..........؟
-          هناك الجحيم حيث يذهب الملعونون،
ثم هناك العذاب، وحضن إبراهيم حيث يذهب الخيرون،
-          وهناك عالم النسيان المخصص للأطفال، فى مركز الأرض حيث الحرارة مرتفعة جداً جداً.
هناك حيث يذهب الأطفال الذين يكذبون، ولكن ليس لأيام معدودة، لا.
لا، إنهم ملعونون إلى الأبد.
حاول أن تتخيل نهاية الأبدية.
إغمض عينيك وحاول أن تتخيل هذا، إلى الأبد........ألم إلى الأبد.
-          أنا أصاب بالدوار.
-          الأن هل تفهم لماذا قال جاستوس وباستور الحقيقة، أليس كذلك؟
************************
المرأة التى وضعت حملها آمنة، تعلّم وليدها أن الوشاية خطيئة، تعلّمه أن فضة الوشاية لا تشترى سوى الألم.
ووليدها الذى نجا مرتين يتعلّم كيف يتلوّن، يتعلم أن خياراته فى المدينة السوداء تنحصر فى أن يعيش بجيوب مثقلة بالفضة أو أن يموت متدلياً على مشنقة.
يتعلم أن يهوذا أصبح صفة، وأن زمن المعجزات ولى، ومع ذلك فضة الوشاية تجترح  معجزات من نوع أخر،
يتعلم أن برغم وشايته المسيح آمن، وأن العذراء هادئة ابدًا ترتدى الأزرق وتبتسم.
 
*** النص بين السطرين من حوار فيلم الأخرون "The others"


Sunday, April 7, 2013

قابل للكسر


الحياة هشه يا عزيزى.


هل كنت تعلم ذلك؟

الحياة نفسها تعلم ذلك، تدرك مدى هشاشتها ولهذا تمارس علينا حيلها، وأنا فى المقابل تعلمت أن أمارس حيلًا على الحياة،

عندما تبدأ الحياة فى مشاكستى أحلم.

أحلم فى يقظتى، أحلم طوال اليوم وباستمرار.

كنت اعتقد قديمًا أنى استنفد حصتى من الأحلام نهارًا ولهذا لا أحلم فى نومى، الأن أدرك أن الحياة تسلبنى أحلام الليل لتعاقبنى على أحلام النهار.

الحياة لا تستطيع مجاراتك لذلك تضع أمامك العراقيل،

تمنحك لتعرف مرارة السلب،

تمنحك المال لتعرف معنى الحاجة، تمنحك الأصدقاء لتختبر الوحدة،

تمنحك النجاح لا لتستمتع به، ولكن لتحيا بهاجس الخوف من الفشل.

الحياة تمنحك كل الخيارات التى تقوضك.

حتى عندما تمنحك الحب فهى تمارس أشد حيلها عبقرية.

تمنحك الحب لتختبر وجع القلب الصاف.

تعلم أن من علامات الحب وخز القلب.

الحب يا عزيزى مؤلم بطبيعته.

والحياة تمنحك ألمًا مزدوجًا، ألمًا عند الحب والمًا عند الفراق.

ولكنها هشة صدقنى.

أكثر هشاشة من البيضات التى أرسلتك أمك لتشتريهم فكسرتهم فى مسافة العشرة أمتار بين البقال وباب بيتك.

البعض يعتقد أن الحياة معقدة قاسية ومع ذلك يؤمن أن خرزة زرقاء تدفع عنه بعض بلاءها .....أرأيت؟

الحياة هشة  لأن الناس ببساطة يموتون.

يموتون ويتوقفون عن الألاعيب، يموتون ويحرمون الحياة لذة الانتصار والتشفى. فتقف أمام الموت عاجزة مستنفدة الحيل.

الحياة ترسل لك مراسيل خيبات متوالية ولا تخجل من أن تقابلك بنهارات جديدة تحمل وعودًا جديدة.

عزيزى أخبرتك كل ما أعرف عن هشاشة الحياة ولكن الأمانة تقتضى أن أخبرك شيئًا أخيرًا،

نعم الحياة هشة ولكننا وبشكل درامى قابلون للكسر.