Friday, November 26, 2010

الكتابة




الكتابة مثل فراشة شقية زاهية الألوان لا تتوقف عن الدوران حولك, تحاول بشتى الطرق الامساك بها فتفشل تطاردها فى كل الأماكن فتقترب منك لتوهمك بأنك حصلت عليها فتطبق يديك جيداً وتنظر داخل يديك بحرص فتجدها فارغة, تغيب بالأيام فلا تجد لها أثر تدللها تارة وتقرب لها الأزهار تقدم لها القهوة والشيكولاته وكل الطقوس الأخرى الملهمة فتنظر لك من بعيد, تثور تارة أخرى على الأقلام والورق وتلعن الفراشة ثم تيأس وتخلد للنوم تستيقظ فى منتصف الليل لتجد الفراشة تقف على أنفك وليست لديها أى نية للرحيل أو الأنتظار حتى تطلع الشمس.


أتسائل إلى أين تذهب الفراشة عندما لا تكون هنا؟

Monday, November 22, 2010

أحفظك عن ظهر قلب




أتدرين أنى أحفظك عن ظهر قلب ؟



أعرف كيف تفضلين البيض فى إفطارك ومتى سترشفين رشفة من فنجان شايك ودرجة حرارة الماء فى حمامك وعطرك الذى ستختاريه من بين ألاف العطور.



أعرف ما الذى ستشتاقين إليه فى طعام الغذاء اليوم والفيلم الذى ستشاهديه للمرة المائة فى ليلة الجمعة وأى حذاء ستختارين لبداية أسبوع كئيبة أو لعيد ميلادى.



أعرف ماذا ستختارين لى هدية فى عيد ميلادى أعرف كيف ستتلبسين روحى لتقرأى أفكارى وتختارى الهدية التى أتمناها ستحضرين لى الشال الذى شاهدته الأسبوع الماضى وأعجبنى كثيراً وستحضرى معه ميدالية مفاتيح فضية أعجبتك بدلاً من ميداليتى رديئة الصنع التى دائماً ما تفلت مفاتيحى وأعود بها وحيدة فى كل مرة وستضعين الشال فى علبة زرقاء لأنى أحب اللون الأزرق والميدالية ستضعينها فى علبة قطيفة حمراء كعلبتك الأثيرة.



أعرف أين ستختبئين منى عندما أعود اليوم من عملى لا تقلقى سأتظاهر بأنك فاجأتينى وأنى فزعت من ظهورك الذى أحفظه ألم أفعل دائماً؟ أعرف أنك لن تثرثرى على الغداء وستتطلعين إلى عينى كثيراً وأعرف أنك تطهين الأسباجتى والأسكالوب لأنى أحبهما وأنك لن تأكلى كلاهما وستتظاهرين بلف الاسباجتى على شوكتك حتى أنتهى من غدائى لأن اليوم ليس يوم "الفرى داى" فى حميتك.



أعرف أيضاً أنك ستتململين كثيراً أمام التلفاز ثم تشتكى لى من رئيستك فى العمل وصديقتك التى تغار منك ومنى ومن حارس العقار الذى لا يتقن أى شيء وسائق التاكسى الذى أقلك فى الصباح ومن الشمس التى لوحت بشرتك فى طريق عودتك للمنزل ومقدمة الحذاء اللعينة التى أعتصرت أصابعك بلا رحمة طوال النهار ومن حبات البصل الخبيثة التى أدمعت عينيك وانت تعدين طعام الغداء وستسأليننى بعدها هل أنا ثرثارة ونكدة ؟ وسأجيبك بأنك أجمل ثرثارة وأقرب النكدات إلى قلبى وستعقدين حاجبيك فى غضب لأنى أسميتك ثرثارة ونكدة وعندها سأنظر إليك وأعقد حاجبى مقلداً إياك ونستغرق فى الضحك فتقتربين منى وتضعين رأسك على كتفى وستخبريننى بأنك تحبين هنا ثم ستنظرين إلى لتطلبى طلباً غريباً ربما تطلبين منى ألا أذهب غداً لعملى أو أن نقضى الليل معاً فى شرفتنا ننتظر شروق الشمس.



أعرف كيف ستلفين ذراعيك حول ذراعى عندما نذهب للنوم وكيف ستتشبثين بأطراف ثيابى حتى لا تفلتينى أثناء نومك وكيف ستدسين وجهك الصغير فى رقبتى لتحتمى بى وتطردى أشباح نومك التى لاتكف عن زيارتك والعبث بالأبواب والستائر واللوحة المعلقة على الحائط.



أعرف حلمك الذى سيراودك الليلة وأنك لن تنتظرى طلوع الصبح لتقصيه على فتوقظينى فى منتصف الليل لتشاركينى حلمك الطفولى وتقصى لى كل قصص العفاريت أحادية العيون شعثاء الشعر التى لم يمنعها التصاقك بى من زيارتك لتسرق الحلوى من الأدراج ثم تعود لتطاردك بحثاً عن قطع الشيكولاته وستغضين حينما أضحك وسأصحبك لتتأكدى من أن كل قطع الحلوى التى كدستى بها الأدراج مازالت هنا وأطمئنك بأن لا أحد يجرؤ على الأقتراب من الشيكولاته مادمت هنا فتدخلين فى ذراعى وتدسين وجهك فى رقبتى من جديد.



أعرف ماذا ستكتبين فى دفترك الصغير وأين ستخبئينه حتى لا أراه وأعرف أنك ستبوحين بسرك الصغير فى المساء وتخبرينى بما أحتوته كل صفحات الدفتر وأنك كتبت "أحبك" ملىء الصفحة بقلم فسفورى ورسمتى حولها قلوباً ووروداً ونجوم صغيرة .



أعرف أنك ستكتبين لى خطاب حب مراهق وتدسيه فى جريدتى وأخر لتضعيه فى جيب الجاكيت الأيسر لأنك تعلمين أنى حتماً سأجده عندما أمد يدى بحثاً عن القلم.



وعندما أعود فى المساء أعرف أنك ستنتظرين خروجى من الغرفة لتفتشين جيوب الجاكيت بحثاً عن قطعة الشيكولاته التى اشتريتها من أجلك ووضعتها اليوم بجانب كتابى -الذى طلبتى منى أن تشاركينى قرأته ولم تقربيه -لأنى أعلم أنك لن تبحثين هناك وستأتين عابثة تظنين أنى نسيت الشيكولاته وعندما أطلب منك الكتاب ستعودين لتمطريننى بالقبلات على أنفى وأذنى وجبينى لأنى لم أنسى وستخبرينى حتماً بأنى أفسدك بالدلال تماماً كما أفسد حميتك.



أعرف كل حركاتك وسكناتك أحفظ صمتك قبل كلماتك وكل إيماءات وجهك وترجمتها ولكن لا أرتوى منك أبداً فكل ما تفعلينه وبرغم أنى أحفظه تماماً إلا أنه فى كل مره يبهرنى ويبهجنى كما المرة الأولى ويضع بسمة على وجهى كطفل صغير نعيد له الكلمات أو نلعب معه لعبة الاختفاء فيضحك فى كل مرة بنفس الحماس وكأنها أول مرة .

Monday, November 15, 2010

كل عام وأنتم بخير



قال الرسول صلي الله عليه وسلم عن أيام التشريق : " أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "

أكثروا من التكبير والتهليل ولا تنسوا أدخال السرور على أهلكم وصلة الرحم والدعاء لأخوان لنا ربما حرموا من بهجة العيد

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير

Thursday, November 11, 2010

يوم عادي مناسب للبهجة



يوم عادي أخر يشبه يوم خريفي مثالي فلا الشمس ساطعة تشاكسك بأشعة حارقة ولا هى متوارية على استحياء خلف سحب الشتاء الباردة هى فقط موجودة تضىء وتمرر دفء محبب كما تفعل فى يوم خريفي عادي مناسب تماماً للبهجة.


أكتشفت ذلك فى طريقى للمنزل بعد نهاية يوم عمل مبتور كنهايات الأسبوع العادية, الهواء فى الطريق مسالم للغاية يعلن عن حضور خجِل وممتع لا يبعثر الأشياء ولا يتباهى بقدرته على نثر الأتربه كحبيبات الملح فى عرس صيفي, الهواء اليوم أيضاً يتخذ موقفاً محايداً تماماً من الحرارة والبرودة لا ينحاز لأى منهما, تتواطأ الظروف الطبيعية مع رغبة فى روحى للشعور بالبهجة فأجمع التفاصيل الصغيرة لتصنع مفردات يوم مناسب تماماً للبهجة.


فى سيارة الأجرة فى الطريق للمنزل تنضم الاشياء كلها لمؤامرة صناعة البهجة, الطريق خالي تقريباً, اليوم أثرت الشوارع أن تمارس طقس الخواء بلا زحام فاليوم عطله للمصالح الحكوميه, معظم الناس سافروا لقضاء إجازة العيد حتى أنا فى انتظار ما سيجد بخصوص رحلتي المفضله فى هذا الوقت من العام لا ضوضاء ولا زحام, هنا الزحام طقس مجرد من نكهة الزحام الذى أعتاده, زحام صامت كئيب يدفعك للجنون, الخواء اليوم محبب ربما لأنه مبرر ليس كخواء مزدحم بأشباح صامته فلا هو صاخب كالزحام ولا هو هادىء كالخواء, أنظر للمبانى التى اعتادت تفحصى بكأبة ولا مبالاة اليوم تبدو ودودة للغاية بشكل مناسب تماماً للبهجة.


أقبض على الفراشة المكسوة بلون معدنى وتحمل نقشاً لأول حرف من أسمى وأتفحصها بين الحين والأخر وجودها يضيف تفصيلة صغيرة أخرى لتشعرنى بسعادة أجهل مصدرها تماماً كما أجهل من أين أتت تلك الفراشة أتناول الحلقة المعدنية الصغيرة وأحرر الفراشة من قبضتى فتهتز كأنها خرجت للتو من شرنقتها لتحتفل بيوم مناسب تماماً للبهجة.


أصل للبيت كل الأصوات من حولى هامسة ترفض أزعاجى رائحة النعناع المنبعثة من سائل الاستحمام تتسلل لتضفى نكهة ربيعية محببة على يوم خريفي مثالى لتصنع يوماً يدور كله حول التفاصيل الصغيرة التى تعرف تماماً كيف تتعامل مع يوم مناسب تماماً للبهجة.

Monday, November 8, 2010

المزيد من كل شيئ

لم تصدق نفسها عندما قبِل دعوتها وهو الذى دائماً ما يتهرب منها, فى أوقات الغذاء يرفض الذهاب مع الجميع لأنها معهم يتهرب من الذهاب للكافيه بعد العمل إذا علم أنها ستكون موجوده لم تيأس فقط لأنها ترى فى نظرات عينيه الكثير تعرف أنه مهتم بها ولكن لماذا يرفض الخروج معها حتى لو كانوا بين اصدقائهم.

هذه المره أصرت على أنها لن تقبل الرفض دعته لحضور عيد ميلادها فى فيلا عائلتها قبل أن يجيب بادرته قائله "هازعل لو مجيتش" كل الأصدقاء سيحضرون وقبل أن يفكر أو يتردد سحبت ورقه من على مكتبه كتبت العنوان اعطته الورقه نظرت فى عينيه قائلة بإصرار سانتظرك غداً فى حدود الساعه السابعه ستأتى. لم يستطع الرفض أخفض عينيه وتمتم إن شاء الله متمنياً لها عيد ميلاد سعيد انصرفت مسرعه وقلبها يكاد يقفز من فرط سعادتها لقد تبادلا محادثة طويلة قياساً على عبارات الصباح والمساء التى اعتادوا على تبادلها منذ التحق بالشركه وغداً فى المساء ستلتقيه بعيداً عن جو العمل وربما تستطيع التحدث معه طويلاً وتقترب منه اكثر.

اطلقت نفير سيارتها الفارهه ليفتح الحارس باب الفيلا خرجت من السياره مسرعه تقفز على سلالم الفيلا قبلت الداده وقبلت الورد فى الفازة الكبيره بوسط الصالون وقبلت امها ابتسمت امها وسألت عن سر المزاج المعتدل ضحكت قائلة أتمنى لو أستطيع تقبيل العالم كله أليس غداً عيد ميلادى؟ احتضنتها أمها متمنية لها دوام السعاده التفتت حولها تتابع التجهيزات الكبرى لعيد ميلادها وقالت أريد المزيد من الأضواء فى الحديقة وفى المدخل والمزيد من الزهور فى كل مكان برغم أن الأضاءة كانت أكثر من كافية إلا أن طلباتها مجابه وأحلامها أوامر أصدرت الأم أوامر لمنسق الحفل بزيادة الأضواء والزهور أوصت أمها بطلب المزيد من الحلوى وطلبت تغيير كعكه عيد ميلادها بواحدة أكبر وأجمل بمزيد من الإبهار قائلة أريد المزيد من كل شيىء وبرغم ضيق الوقت على تعديلاتها إلا ان الأمر صدر وعلى الجميع أن ينفذ .

صعدت مسرعة لحجرتها فتحت دولاب ملابسها اخرجت كل فساتينها الجديده بما فيهم الثلاث فساتين التى كانت تفاضل بينهم أيهم سترتدى غداً لحفلها الأن لم تعد كافية تلك الفساتين تريد المزيد لتتأكد أنها سترتدى الأفضل هاتفت صديقتها لتخرجا فى المساء فى جولة للشراء وعندما سألتها ألا يكفيكى كل فساتينك الجديدة ضحكت قائلة لا لا تكفى أريد المزيد.
فى صباح يوم الحفل طلبت المزيد من الطاولات فى الحديقة اتصلت بمتعهد الطعام بنفسها لتتأكد من كل التغييرات التى طلبتها ثم ذهبت للكوافير لتستعد للحفل.

قبل السابعة بنصف الساعه كانت مستعدة الكثير من المدعوين قد حضروا بالفعل فى تمام السابعة وقفت فى أبهى فساتينها مع زينتها الساحرة مركزة عينيها على الباب الكبير للفيلا رأته هناك أنيق وبسيط يحمل بين يديه صندوقأ أزرق ملفوف بشريط فضى اسرعت نحو الباب لاستقباله انتزعته كلماتها من بين الأضواء المبهرة "كنت متأكدة أنك ستأتى"
" كل عام وأنتى بخير" ناولها صندوق الهدية قائلاً " هدية متواضعة لا تليق بك"

"أنها أجمل هدية حصلت عليها"

رد عليها بابتسامه, لم يستطع أن يغفل فستانها ولا زينتها فتمتم قائلاً أنتى اليوم .... مختلفة بشكل جيد.

ضحكت ضحكة قصيرة لخجله عن التصريح بكلمة جميلة ولكن كلماته أطرتها على أى حال فتوردت خدودها.

أخذته فى جولة فى أرجاء الدور الأول للفيلا حدثته عن تجهيزات حفلها وعن المزيد من المفاجأت التى أعدتها لضيوفها ثم صحبته للحديقة ليرى المزيد الذى أعدته من كل شىء فى كشك الشاى وحول حمام السباحة ومرت به على جراج الفيلا ليرى المزيد من سياراتهم الحديثة ثم عادا للفيلا لتطفىء شمعاتها وتقطع الكعكه المبهرة الكبيرة ووقفت تتلقى التهانى والتمنيات بالسعادة بينما أنسل هو للحديقة .

يعرف مسبقاً أن لديها المزيد ولكن أن ترى ليس كأن تعرف أضواء الحفل الكثيرة بينت له كم هو معتم بيته الصغير اللوحات الكبيرة المعلقة هنا وهناك كانت تساوى فى حجمها حوائط شقته حمام السباحه أعرض من الشارع الذى يسكنه سيارة الحديقة الصغيرة التى يستخدمونها فى التنقل داخل الحديقة حجمها يماثل حجم سيارته الصغيرة.
أعدت له طبقاً من الحلوى وقطعة من كعكتها المبهرة وخرجت لتبحث عنه أخرجه صوتها من أفكاره " لماذا تجلس وحيداً " ابتسم ولم يجيب قدمت له طبق الحلوى شكرها أمسك بالشوكة قطع قطعة من الكعكه وتذوقها "لذيذة للغاية" هبت مسرعة "هل أحضر لك المزيد ؟"

نظر إليها قائلاً " بالطبع دائماً لديك المزيد"

تسمرت فى مكانها صعقتها كلماته كالبرق وأيقظتها ناولها الطبق أعتذر عن كلماته تمنى لها عيداً سعيداً وأستأذن فى الرحيل وانصرف مسرعاً .

أفاقت بعد رحيله على المزيد من الموسيقى المنبعثة من الحفل تجمع حولها المزيد من الأصدقاء يحملون المزيد من الهدايا, المزيد من الطعام والحلوى تتدفق من المطبخ لبوفيه الحفل جرت مسرعه باتجاه غرفتها تعثرت فى المزيد من الطاولات والمهنئين تخنقها عطور المزيد من الورود التى طلبتها تمنت لو لم يكن هناك المزيد من الأضواء ربما استطاعت وقتها أن تخفى دموعها أغلقت الباب وانفجرت فى البكاء.

كل ما تمنته هو المزيد من اهتمامه والمزيد من قربه أرادت المزيد من كل شيىء فقط لتجذبه إليها وسط دموعها تذكرت أمنيتها وهى تطفىء الشمعات لقد تمنت المزيد من كل شيىْ.

لم تدرك أن أمنيتها ستتحقق بتلك السرعة فقد حصلت على المزيد من الألم والمزيد من البكاء والمزيد من الوحدة فكرت أن أحاديثهم المقتضبة ونظراته الخجولة كانت تكفيها ليتها لم تتمنى المزيد.

Friday, November 5, 2010

السنونو الأحمق الذى أحب الكناريا



يحكى قديماً قديماً أن سرب من طيور السنونو كان يتأهب للهجرة للتزاوج ووضع البيض وكان وسط السرب طائر سنونو وحيد حزين يشبه طيور السنونو فى كل شيء إلا روحه التى تختلف عن كل السنونو الأخرين وعنما وصلوا إلى مقصدهم دار كل زوجين ليختاروا مكاناً للعش وارتفع السنونو الوحيد فوق منزل كبير لا يعلم كيف يبنى عشه وحيداً وهناك جلس يتأمل كعادته ويتطلع للمزارع البعيدة والفضاء الفسيح ولكن قطع تأمله أغنية حزينة لامست روحه دار دورتين حول المنزل الكبير حتى اهتدى للصوت لمح من وراء زجاج نافذه بالطابق العلوى عصفورة كناريا وحيده حبيسة فى قفص تغرد أنشودة حزينة وقف السنونو يتأملها لم يرى فى حياته أقفاص من قبل ظن أن هذا هو عشها كم هو جميل هذا العش حدق فيها ساعات حتى الغروب كل السنونو أنجزت الكثير من أعشاشها إلا هو لم يفعل شيئاً سوى التحديق فى عصفورته الحزينه.


لم تجذبه إليها ألوانها ولكن أغنيتها الحزينة التى تشبه كثيراً لحناً يتردد فى روحه لم يكن يعلم أن أنشودتها ترثى حالها بالأسر وتنعى من رحلوا لا يفهم لغة الكناريا ولكن توحد مع ترنيمتها التى ترثى أسر الروح وتنعى الراحلون.


مرت الأيام والسنونو يبنون أعشاشهم من الطين والقش والسنونو الوحيد يجمع الأغصان الصغيرة ويشكلها على شكل قفص بجوار المدخنة فوق سطح المنزل الكبير كل السنونو تعجبوا من بلاهته لماذا يبنى شيئاً لا يشبه العش وطيور السنونو العجوزة التى خبرت الحياة تعرف أنه قفص فتنظر إليه بإشفاق وتنصحه ولكنه لا يسمع سوى ترنيمتها الحزينة فيجتهد أكثر ليبنى لها ما كان يظنه العش الجديد. وعندما ينتهى يجلس على طرف النافذه فينشد لها ترنيمتها وكلما أنشد أزدادت عيناها حزن وأزداد تعلقاً بها.


فى موسم التزاوج رقصت كل طيور السنونو رقصة التزاوج ورقص السنونو الوحيد على حافة النافذة لم تفهم الكناريا ماذا يقصد فطيور الأسر لم تعد تتذكر طقوس الحرية أو ربما لم تفهم لغة السنونو.


مرة أخرى كل السنونو تعجبت من حماقة الصغير الذى يراقص أنعكاسه على زجاج النافذة ومر موسم التزاوج كل السنونو وضعوا البيض وأفرخوا صغاراً ولما اشتد عودهم استعدوا للرحيل ومازال السنونو الصغير يرقص بالنهار رقصة التزاوج وينشد بالليل أنشوده الكناريا الحزينة ويتطلع إلى عشه فى ضوء القمر.


عندما حانت ساعة الرحيل حاولت كل طيور السنونو إقناع السنونو الوحيد بالعودة إلى الديار ذكروه بأن حياة السنونو قصيره وانه أضاع موسماً كاملاً فى الرقص أمام الزجاج لم يفهموا أنه يرقص لها لم يخطر على بالهم أن يحب السنونو طائر الكناريا أما هو فلم يستوعب أنها لم تفهم لماذا يرقص طائر سنونو أمام النافذه ولم يستوعب أنه كان يتحدث لغة لا تفهما وتغنى هى أنشودة لا يعرف كيف يفك رموزها كل ما يعرفه أنه لن يسطيع الرحيل ولا يتخيل أن يفقد لحن روحه بعد أن وجده.


رحلت طيور السنونو وخلفت الأعشاش فارغه اشتدت برودة الجو ولم يتحمل السنونو البقاء على حافة النافذه واحتمى بعشه بجوار المدخنة ومع الأيام واشتداد البرودة فقد القدرة على الطيران وكان ما يبقية حيا هو ترنيمة الكناريا الحزينة التى خيل له أنه الأن فى حبسه الأختيارى صار يدرك معناها بشكل أوضح .


مع اقتراب موسم جديد للتزواج فتح السنونو الوحيد عينيه على صوت الكناريا يتغنى بترنيمة جديدة سعيدة تدفقت القوة إلى أجنحته الصغيرة ودار دورة حول البيت وحط على النافذه ليرى عصفور كناريا يشارك العصفورة قفصها ويرقص لها رقصة ليست كرقصة السنونو ولكن أدرك بروحه أنها رقصة التزاوج.


نظر فى عينها لم يعرفها لم يجد الحزن الذى سلبه روحه ماتت الترنيمه فى داخلها أو ضلت الطريق لروحه, من جديد سرت البروده إلى قلبه وشاخ مواسماً فى دقيقة واحدة .استجمع ما بقى فيه من قوة ولملم روحه المكسورة ورقد فى قفصه وأنشد أنشودتهما للمرة الأخيرة واغمض عينية و تجمدت دمعة على اجفانه.


عادت السنونو فى الموسم الجديد بحثت عن السنونو الوحيد لم يبقى مكانه إلا قفص متهالك وثلاث ريشات رمادية ودمعة متحجرة ومن يومها وهناك مثل يتداوله كل طيور السنونو عندما يلهث أحدهم خلف السراب فيقولون " كالسنونو الأحمق الذى أحب الكناريا"
photo from here http://www.flickr.com/photos/violetta_is_violent/4307872712/