Saturday, November 2, 2013

* كتمثال مصبوب من السخف


 
 duy huynh
*"الخيال .... هو ليل الحياة الجميل! هو حصننا وملاذنا من قسوة النهار الطويل ....
إن عالم الواقع لا يكفى وحده لحياة البشر! ... إنه أضيق من أن أن يتسع لحياة إنسانية كاملة!"

صديقى يخبرنى أنه يغبطنى لأنى أشارك صوراً يراها جميلة على صفحتى على
الفايسبوك.

بعد نقاش قصير أخبره فيه أن علينا التفاؤل يخبرنى أننى على حق.

هنا يا صديقى تكملة حوار كان يجب أن يكون، حديثنا المطول بالأمس يخبرنى أنك
تتداعى.

عزيزى لست أول أصدقائى الذى يتداعى تحت وطأة العالم القذر الذى نحياه.

تسألنى هل نعاقب على كوننا نحن؟

كان لزاماً على أن أخبرك أن الحياة ليست منصفة، شعرت بغصة وأنا أخبرك أنك يجب
 أن تتأقلم. أنا أسف.

ضربت لك مثلاً بحادث السيارة، عندما تراه لأول مرة تشعر بالهلع وكارثية الموقف
 والحزن على ضحايا الحادث،

ستصاب بالكوابيس ربما، وستمتنع عن الطعام.

وفى المرة التالية والتى تليها،

 لكن إن اعتدت رؤية حادثتين يومياً سيصبح الأمر روتينيا .... ستعتاده.

ستتعاطف وتمضى فى طريقك وتكمل يومك.

روتينية الموت والأوضاع الخاطئة مؤلمة، لم أخبرك هذا، أنا أسف.

كان لزاماً على أن أخبرك أنك إن أعتدت أن ترى الموت/ الأوضاع المقلوبة ومضيت فى
 سبيلك سينمو بداخلك ذلك الوجع.

الوجع الذى لن تعتاده أبدا، الوجع الذى يشبة فجوة كبيرة بداخلك لا تجد ما يملأها.

لم أخبرك أنى أصاب بالهلع من أن أصبح شخصاً يعتاد القبح ويتعايش معه، ظننت أنى
 أساعدك، أنا أسف.

أحاول التوقف عن الحياة فى هذا العالم البائس المشوه، الناس مشوهون من داخلهم
 وبشدة يا عزيزى.

أنا لا أستطيع الجلوس أمام نشرات الأخبار لأشاهد الكذب والقتل ثم أتناول غدائى وأثرثر
 معك.

أنا لا أرغب فى هذا.

كذبت عندما أخبرتك أن تتعايش، وجب على أن أخبرك أن تهرب، أن تنجو بنفسك، أنا
 أسف.

أنا توقفت عن متابعة الأخبار، وأحيا الأن فى عالم خيالى أصنعه من أشياء أحبها.

أنا أمارس حيل البقاء ولست فى موقع يخولنى حق النصيحة أو التداعى، ولا تحمل
 تبعاتهما.

لا أرغب فى التجهم فى وجه حبيبتى لأن العالم غير منصف.

لا أرغب فى التخلى عن شغفى لأن العالم قبيح.

الحقيقة الوحيدة التى أعرفها أنى ساعة أتوقف عن فعل ما أحب، وساعة  أتوقف عن
 رؤية الأشياء الجميلة لأن العالم لم يعد كذلك،
ساعتها سأصبح جزء من منظومة القبح.

أنا لا أريد أن أصير قبيح، لاأريد لك أن تصير قبيح.

أخبرتنى أننى صح، وأخبرتك انك ستتعب.

لم أخبرك أن تبقى كما أنت وأن تقاوم كل محاولات المسخ، أعرف أن مثلك لن يتغير
 ولهذا كانت الحقيقة الوحيدة التى أخبرتك أياها
أنك ستتعب.

* العنوان والأقتباس من "عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم.
ملحوظة : أنت الرجل فى الصورة.

2 comments:

Unknown said...

خالص تقديرى واحترامى

الحسينى said...

@ محمد الجرايحى
متشكر يا أستاذى