يحكى قديماً قديماً أن سرب من طيور السنونو كان يتأهب للهجرة للتزاوج ووضع البيض وكان وسط السرب طائر سنونو وحيد حزين يشبه طيور السنونو فى كل شيء إلا روحه التى تختلف عن كل السنونو الأخرين وعنما وصلوا إلى مقصدهم دار كل زوجين ليختاروا مكاناً للعش وارتفع السنونو الوحيد فوق منزل كبير لا يعلم كيف يبنى عشه وحيداً وهناك جلس يتأمل كعادته ويتطلع للمزارع البعيدة والفضاء الفسيح ولكن قطع تأمله أغنية حزينة لامست روحه دار دورتين حول المنزل الكبير حتى اهتدى للصوت لمح من وراء زجاج نافذه بالطابق العلوى عصفورة كناريا وحيده حبيسة فى قفص تغرد أنشودة حزينة وقف السنونو يتأملها لم يرى فى حياته أقفاص من قبل ظن أن هذا هو عشها كم هو جميل هذا العش حدق فيها ساعات حتى الغروب كل السنونو أنجزت الكثير من أعشاشها إلا هو لم يفعل شيئاً سوى التحديق فى عصفورته الحزينه.
لم تجذبه إليها ألوانها ولكن أغنيتها الحزينة التى تشبه كثيراً لحناً يتردد فى روحه لم يكن يعلم أن أنشودتها ترثى حالها بالأسر وتنعى من رحلوا لا يفهم لغة الكناريا ولكن توحد مع ترنيمتها التى ترثى أسر الروح وتنعى الراحلون.
مرت الأيام والسنونو يبنون أعشاشهم من الطين والقش والسنونو الوحيد يجمع الأغصان الصغيرة ويشكلها على شكل قفص بجوار المدخنة فوق سطح المنزل الكبير كل السنونو تعجبوا من بلاهته لماذا يبنى شيئاً لا يشبه العش وطيور السنونو العجوزة التى خبرت الحياة تعرف أنه قفص فتنظر إليه بإشفاق وتنصحه ولكنه لا يسمع سوى ترنيمتها الحزينة فيجتهد أكثر ليبنى لها ما كان يظنه العش الجديد. وعندما ينتهى يجلس على طرف النافذه فينشد لها ترنيمتها وكلما أنشد أزدادت عيناها حزن وأزداد تعلقاً بها.
فى موسم التزاوج رقصت كل طيور السنونو رقصة التزاوج ورقص السنونو الوحيد على حافة النافذة لم تفهم الكناريا ماذا يقصد فطيور الأسر لم تعد تتذكر طقوس الحرية أو ربما لم تفهم لغة السنونو.
مرة أخرى كل السنونو تعجبت من حماقة الصغير الذى يراقص أنعكاسه على زجاج النافذة ومر موسم التزاوج كل السنونو وضعوا البيض وأفرخوا صغاراً ولما اشتد عودهم استعدوا للرحيل ومازال السنونو الصغير يرقص بالنهار رقصة التزاوج وينشد بالليل أنشوده الكناريا الحزينة ويتطلع إلى عشه فى ضوء القمر.
عندما حانت ساعة الرحيل حاولت كل طيور السنونو إقناع السنونو الوحيد بالعودة إلى الديار ذكروه بأن حياة السنونو قصيره وانه أضاع موسماً كاملاً فى الرقص أمام الزجاج لم يفهموا أنه يرقص لها لم يخطر على بالهم أن يحب السنونو طائر الكناريا أما هو فلم يستوعب أنها لم تفهم لماذا يرقص طائر سنونو أمام النافذه ولم يستوعب أنه كان يتحدث لغة لا تفهما وتغنى هى أنشودة لا يعرف كيف يفك رموزها كل ما يعرفه أنه لن يسطيع الرحيل ولا يتخيل أن يفقد لحن روحه بعد أن وجده.
رحلت طيور السنونو وخلفت الأعشاش فارغه اشتدت برودة الجو ولم يتحمل السنونو البقاء على حافة النافذه واحتمى بعشه بجوار المدخنة ومع الأيام واشتداد البرودة فقد القدرة على الطيران وكان ما يبقية حيا هو ترنيمة الكناريا الحزينة التى خيل له أنه الأن فى حبسه الأختيارى صار يدرك معناها بشكل أوضح .
مع اقتراب موسم جديد للتزواج فتح السنونو الوحيد عينيه على صوت الكناريا يتغنى بترنيمة جديدة سعيدة تدفقت القوة إلى أجنحته الصغيرة ودار دورة حول البيت وحط على النافذه ليرى عصفور كناريا يشارك العصفورة قفصها ويرقص لها رقصة ليست كرقصة السنونو ولكن أدرك بروحه أنها رقصة التزاوج.
نظر فى عينها لم يعرفها لم يجد الحزن الذى سلبه روحه ماتت الترنيمه فى داخلها أو ضلت الطريق لروحه, من جديد سرت البروده إلى قلبه وشاخ مواسماً فى دقيقة واحدة .استجمع ما بقى فيه من قوة ولملم روحه المكسورة ورقد فى قفصه وأنشد أنشودتهما للمرة الأخيرة واغمض عينية و تجمدت دمعة على اجفانه.
عادت السنونو فى الموسم الجديد بحثت عن السنونو الوحيد لم يبقى مكانه إلا قفص متهالك وثلاث ريشات رمادية ودمعة متحجرة ومن يومها وهناك مثل يتداوله كل طيور السنونو عندما يلهث أحدهم خلف السراب فيقولون " كالسنونو الأحمق الذى أحب الكناريا"
1 comment:
improve search engine ranking seo browser backlink service building backlinks
Post a Comment