Friday, March 25, 2011

إلى سايورى Sayuri



فى كل الحكايا التى تجمعنا معاً عندما أقوم بتثبيت الشريط على لقطة ما أجدنا بنفس الملامح ونفس التعبيرات نفس عينيك الزجاجيتين نفس البرودة حتى سكون أجسادنا فى اللقطة هو ذاته نفس السكون.

فى كل مرة عندما تبتسمين لى أو تصغين إلى حديثى الأخرق، عندما تضحكين على الطرفة التى أفشل فى أن أقصها بالشكل الصحيح لأنى لا أجيد النكات، وعندما تضغطين ركبتيكِ إلى قدمىَّ أثناء أنحنائك بجانبى وتدّعين أنك لم تقصدين وعندما تسكبين لىَّ الشاى أو الساكى بطريقتك الساحرة، أعلم أنك لا تفعلين ذلك لأجلى لأنى أعلم أن ما يهم هو كم عود من بخور الأوهانا سيحترق بينما تبهرينى بحكاياك التى لا تنتهى أو ترقصين تلك الرقصة وتلوحين بمروحتك الملونة أو تعزفين على ألتك الوترية العجيبة لأنى فى النهاية سأدفع مقابل كل أعواد البخور التى احترقت.
عندما تضعين ذلك المسحوق الأبيض على وجهك ورقبتك وتتركين تلك المساحة المغرية من بشرتك مكشوفة، وعندما تخطين بالقلم الأسود حاجبيك وترسمين شفتيك بلون أحمر كحبات الكرز فى حفل الربيع وترتدين كيمونو تختارين لونه بحرص كل مساء ليظهر لون عينيكِ أعلم أنك لا تفعلين ذلك لأجلى وحدى ولكن لأجل كل من سيطلب وجودك فى المساء فى بيت الشاى.
عندما نقضى ساعة من الليل فى سمر وضحك وألعاب حمقاء وأنتشى أنا، أعلم أنك لا تنتشين لمشاركتى أعلم أيضاً أنكِ ستضحكين وتلعبين مع كل من يدفع ثمن ساعات ليلك الباهظة। لا أغضب منك لأنى أعلم تماماً أن ما تفعلينه هو الشئ الوحيد الذى تتقنيه।
أعلم أنك بينما تميلين على لتهمسى فى أذنى بكلمة تسحرنى يذهب عقلك إلى مكان أخر حيث يزايد الرجال على من سيشترى ساعات النهار خاصتك فى يوم أو يومين من كل أسبوع ليقضى معك وقتأ أكثر خصوصية من الوقت الذى تمرين فيه علينا كل مساء فى الحجرة الصغيرة فى بيت الشاى أو فى حفل مشاهدة تفتح الزهور ومن سيرسو عليه المزاد سيدفع أكثر ليحظى منك بأكثر من رقصة وحكاية وضغطة على قدمه.
أتعلمين لماذا لم أدخل المزاد؟

لأنى حتى وإن أشتريت ساعات نهارك ستظلين فى كل ليلة تصبغين وجهك وشفتيك وتذهبين إلى بيت الشاى لتقصى حكاياك الساحرة وتضغطى ركبتيكِ إلى أقدام الرجال وتهزى أفئدتهم مع هزات مروحتك الملونة.

فى لقطة أخرى من الشريط أصباغ وجهك الباهتة لا تشبه الأبيض والأحمر فى الحكاية القديمة، وملابسك العصرية لا تشبه الكيمونو زاهى الألوان والتنورة القصيرة التى تكشف أكثر تحل محل تلك المساحة الخالية من الأصباغ على بشرة رقبتك لتقوم بدورها فى الغواية.
كل الأشياء تغيرت ولكن أعلم أنكِ لا زلتِ فى المزاد تضحكين للجميع وتوزعين حديثك الساحر لتضمنى وجود أكبر قدر من الحمقى عندما يبدأ المزاد.
ربما من يقضى معك الوقت لن يدفع ثمن أعواد بخور الأوهانا المحترقة ولكنه سيدفع أكثر ليحظى بك فى النهاية وحتى عندما يرسو عليه المزاد ستظلين توزعين البسمات والضحكات والحكايا التى لا تنتهى على الجميع كفتاة جيشا تمارس طقوس الغواية كل مساء بلا كيمونو ولا مروحة ولا أصباغ ،
وحتى وإن كانت ملابسك عصرية ووجهك خال من الأصباغ الزاهية سأظل أشعر بالبرودة كلما نظرت فى عينيكِ وسأشم رائحة البخور كلما مررتِ بجانبى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرجل الذي أحبه

يغدو ولا يؤوب

لكن من أبغضهم

يأتون مئة مرة في اليوم ॥

....

।حين أسكب الساكي

لمن أحب

حتى قبل أن يحتسيه

أتورد خجلا كبرعم كرز ॥

.....

।أنت و أنا

نعيش داخل بيضة

أنا البياض

و أحيطك بجسدي ..

......

الليلة وأنا نائمة وحدي

سرير دمعي

قارب مهجور

في البحر العميق ॥

...

।حين تغمرني الأحزان

عميقا

وأعمق ما يمكن

أود أن أقضي ما تبقى من أيامي

راهبة

(من الشعر الياباني القديم 700 م – 1200 م )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النص من وحى كتاب مذكرات فتاة جيشا - للكاتب أرثر جولدن

Memoirs of a geisha - Arthur Golden

الأبيات الشعرية باللون الأسود من الشعر اليابانى القديم

8 comments:

Ahmed Fayez said...



جيشا.

أعجبني النَص جداً. و الفكرة.

:)


الحسينى said...

@ winner
بعد إنتهائى من قراءة الكتاب ومشاهدة الفيلم مسبقاً أرغب بشدة فى مقابلة واحدة من فتيات الجيشا، أنا الأن مغرم بكل ما هو يابانى :)
سعيد أن النص أعجبك
أشكرك على مرورك وتقبل تحياتى.

Unknown said...

أخى الفاضل: الحسينى
واضح التأثير الشديد للكتاب والفيلم على
نسجك لهذه القطعة الحريرية الرقيقة المشاعر ومرهفة الأحاسيس.

إيثار said...

للأسف لم يتوفر لي الكتاب
لكن الفيلم حقًا رائع:))

ليلى الصباحى.. lolocat said...

السلام عليكم

بوست جديد جميل ورقيق
لكن نساء الجيشا كثيرين يظنون انهعا مجرد فتاه ليل لكن انا قرأت عن الجيشا
فهى يجب ان تكون مثقفة دارسة للاتيكيت و التعامل بشكل راقى مع الجميع

لكن تظل بالنهاية تقاليد واداب بعيدة عن الاسلام

مغرم بكل ماهو يابانى ( اليابان بلد عريق وجميل )

تحياتى لك وتقديرى اشكرك على التدوينة الجميلة اخى الكريم

الحسينى said...

@ محمد الجرايحى
بالفعل أخى فالنص مستوحى من الكتاب
تقبل تحياتى

الحسينى said...

@ايثار
الفيلم فعلاً أكثر من رائع
ستجدين الكتاب بصيغة ال pdf على هذا الرابط تستطيعين تنزيله وقراءته :)
http://www.easy-share.com/1914415045/Memoirs_of_a_Geisha.pdf
تقبلى تحياتى

الحسينى said...

@ أم هريرة
فعلاً قرأت الكثير عن فتيات الجيشا وعن الدراسات الشاقة لأنواع الفنون وطرق التعامل التى يجب أن يخضعوا لها قبل أن تصبح الواحدة منهن فتاة جيشا والقواعد الصارمة التى تحكم حياتهم.
ومعك حق فى أنه أداب بعيدة عن الاسلام ولكنه الفضول :)
واليابان بها الكثير الذى يستحق المشاهدة (إن شاء الله سأضعها على قائمة البلدان التى أرغب فى السفر إليها :))
والشكر لك على زيارتك وتعليقك