الرجال أيضاً يبكون
عندما تشعر بأن الحزن يغزوك ويخترق مسامك, يتسلل مع الهواء ليملأ صدرك وينتشر بداخلك, يستبيح روحك ويصنع كرة من الألم فى فراغ نفسك تتكور روحك حولها فتتوحد معها وتعجز عن الأنفصال عنها وتبقى أنت منتصباً أمام كل من يراك بينما روحك تنحنى فى صمت فتذكر أن الرجال لا يبكون.
عندما تراوغك دمعة حبيسة تتمنى الفرار من سجن عينك ولو انتهى بها الحال إلى التبخر للعدم وقرارها بتفضيل التلاشى على الحياة خلف مقلتيك فتقهرها كقهر الحزن لك وتمارس عليها دور سجان يمارسه عليك الألم وتمنعها من حقها فى الفناء فبرر لنفسك بأن الرجال لا يبكون.
عندما تدرك أن ما حاولت يوماً منعه من النمو بداخلك نمواً سوياً تحت الشمس قد نما رغماً عنك فى الظل واليوم يغتاله شبح الإنكار الذى تغذى على روحك وبات التخلص من كليهما أصعب من الأعتراف بوجودهما فلا تلم نفسك كثيراً واعلم أن كليهما لا مكان له بداخلك ولا تستسلم ولا تنسى أن مهما حدث فالرجال لا يبكون.
عندما تقر بأن لا حزن يدوم ولا فرح يدوم وتتخذ قراراً بتجاهل الألم لانه سيموت بداخلك كما يموت كل شيء وأن الوقت سيتكفل به ولا دخل لك فى تلك المعركة فهنىء نفسك لأنك اليوم كالرجال الذين لا يبكون.
عندما تشيح بوجهك بعيداً عن كل الناس وتختلى بنفسك على أطراف عالمك فافتح الباب لسجين فضل الموت بحرية على الحياة خلف جدار الأسر وانحنى بجسدك على روحك التى انحنت على كرة الألم واجمع كل الثوانى التى تدور حولك متخذة من تكورك مركزاً لدورانها, واصنع منها دقائق وساعات وأيام تكفيك لتنسى أو تتناسى وتأكد أن بالرغم من كل ما قيل لك فالرجال أيضاً يبكون.
photo from here http://www.mayomejia.com/fotos/crying-man.htm
No comments:
Post a Comment